https://mstfybytat16.blogspot.com/


شرح الحديث الثالث عشر 

من كمال الإيمان 

قوله ( لا يَُؤمِنُ أَحَدُكُمْ ) أي لا يتم إيمان أحدنا فالنفي هنا للكمال والتمام وليس نفياً

لأصل الإيمان فإن قال قائل ما دليلكم على هذا التأويل الذي فيه صرف الكلام عن 

ظاهره قلنا دليلنا على هذا أنذلك العمل لا يخرج به الإنسان من الإيمان ولا يعتبر 

مرتدّاً وإنما هو من باب النصيحة فيكون النفي هنا نفياً لكمال الإيمان فإن قال 

قائل ألستم تنكرون على أهل التأويل تأويلهم فالجواب نحن لا ننكر على أهل 

التأويل تأويلهم إنما ننكر على أهل التأويل تأويلهم الذي لا دليل عليه لأنه إذا 

لم يكن عليه دليلُ صار تحريفاً وليس تأويلاً أما التأويل الذي دلّ عليه الدليل 

فإنه يعتبر من تفسير الكلام كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في عبداللَّه

بن عباس رضي الله عنهما ( اللَّهُمَّ فَقَّههُ فِي الدَّيْنِ وَعَلَّمْهُ التَّأوِيْلَ ) فإن قال 

قائل في قول اللَّه تعالى ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَذجِيمَِ ) 

المراد به إذا أردت قراءة القرآن فهل يعتبر هذا تأويلاً مذموماً أو تأويلاً صحيحاً 

الجواب هذا تأويل صحيح لأنه دلّ عليه الدليل من فعل النبي صلى الله عليه وسلم 

فقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوّذ عند القراءة لا في آخر القراءة وعليه 

فلا ننكر التأويل مطلقاً إنما ننكر التأويل الذي لا دليل عليه ونسميه تحريفاً 

( لاَ يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ ) الإيمان في اللغة هو الإقرار المستلزم للقبول والإذعان والإيمان 

وهو مطابق للشرع وقيل هو التصديق وفيه نظر لأنه يقال آمنت بكذا وصدقت 

فلاناً ولا يقال آمنت فلاناً فالإيمان في اللفة حقيقة إقرار القلب بما يرد عليه 

وليس التصديق وقد يرد الإيمان بمعنى التصديق بقرينة مثل قوله تعالى 

( فَآمَنَ لَهُ لُوطُ ) على أحد القولين مع أنه يمكن أن يقال فآمن له لوط أي انقاد له

أي إبراهيم وصدّق دعوته أما الإيمان في الشرع فهوكما سبق في تعرفه 

في اللغة فمن أقرّ بدون قبول وإذعان فليس بمؤمن وعلى هذا فاليهود 

والنصارى اليوم ليسوا بمؤمنين لأنهم لم يقبلوا دين الإسلام ولم يذعنوا 

ومحل الإيمان القلب واللسان والجوارح فالإيمان يكون بالقلب ويكون باللسان 

ويكون بالجوارح أي أن قول اللسان يسمى إيماناً وعمل الجوارح يسمى إيماناً 

والدليل قول اللَّه عزّوجل ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) قال المفسّرون

إيمانكم أي صلاتكم إلى بيت المقدس وقال النبي صلى الله عليه وسلم 

( الإِيْمَانُ بِضْعُ وَسَبْعُونَ شُعْبَةًفَأَعْلاهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّه وأدنْاهَا إِمَاطَةُ الأذى 

عَنِ الطَّرِيْقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةُ مِنَ الإِيْمَانِ ) 

أعلاها قول لا إله إلا اللَّ هذا قول اللسان وأذناها إماطة الأذى عن الطريق 

وهذا فعل الجوارح والحياء عمل القلب وأما القول بأن الإيمان محلّه القلب فقط 

وأن من أقرّ فقد آمن فهذا غلط ولا يصحّ وقوله ( حَتَّى يُحَبَّ ) ( حتى ) 

هذه للغاية يعني إلى أ، ( يُحَبَّ لأَخِيْه ) والمحبة لا تحتاج إلى تفسير ولا يزيد 

تفسيرها إلا إشكالاً وخفاءً فالمحبة هي المحبة ولا تفسَّر بأبين من لفظها 

وقوله ( لأَخِيْهِ ) أي المؤمن ( مَا يُحبُّ لِنَفْسِهِ ) من خير ودفع شر ودفاع 

عن العرض وغير ذلك 


 


*********


*********

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة